المجلة الالكترونية المدنينية الاخبارية

التقيت اليوم في السوق شابا في مقتبل العمر كل ملامحه تدل على ورع وتدين, يطلق لحية ويرتدي قميصا, وثوبه قصير, وفي يده كمية لا بأس بها من المطبوعات يوزعها على المارة, وهي مطبوعة ملونة فيها مجموعة من الأحاديث النبوية وكلها ترغب في الجنة وتدعو للعمل الصالح, ولكن ما أثار انتباهي فيها هو عنوانها " مفتاح دخول الجنة" وصورة مفتاح في قفل باب تظهر من خلفه أعناب وكروم ترمز إلى الجنة الموعودة المتخيلة.

طبعا الفتى لا شك أنه مقتنع بما يقوم به ولن أناقش ذلك, ولكن الحادثة جعلتني أتذكر مناظرة طريفة في " سكاتش " لبناني بين عجوز مسيحية وأخرى مسلمة .

- تقول المسيحية :" إن البابا - بابا الفاتيكان -يملك مفاتيح الجنة" .

- فتجيبها المسلمة ساخرة: " وماذا لو أضاع البابا المفتاح؟ كيف ستدخلون الجنة؟"

- فتنفي المسيحية إمكانية ضياعه وتسأل بدورها:" وأنتم في الإسلام ماذا تفعلون لتدخلوا الجنة؟"

- فتجيبها العجوز المسلمة " نحن في الإسلام كل واحد ومفتاحه,يفتح ويدخل مباشرة".

تبدو القصة طريفة وبسيطة ولكن معانيها عميقة وعظيمة. في المسيحية هنالك وسيط بين الإنسان وربه, أما في الإسلام فلا وسيط. كل إنسان مسؤول مسؤولية مباشرة عن أفعاله, ولا أحد يقف بينه وبين ربه, الإسلام ليس كنيسة ولا رهبانية فيه ولا وصاية فيه أيضا على ضمائر الناس. ولا يمكن لأي شخص مهما علا شأنه أن ينصب نفسه وسيطا بين الله وعباده.

طبعا الشاب الذي صادفته يمارس حقه في الدعوة والهداية بالتي هي أحسن, ولكنه ربما لم يدرك أنه حين يقدم لنا ورقة تحمل عنوانا مثيرا

مثل" مفتاح الجنة " فإنه يذكرنا بصكوك الغفران التي وزعها رجال الدين لتحريض الناس على القتال في الحروب الصليبية, وربما كان يعتقد أنه أكثر إيمانا وتقوى منا وأن الناس ربما حادوا عن دين الله, والأخطر من ذلك كله أنه يعتقد أنه يمتلك - كالبابا - مفاتيح الجنة , وأنه لا يدري أنه ينصب نفسه وسيطا بيننا وبين الله وأنه يحول إسلامنا إلى كنيسة !!!

بقلم فتحي الرحماني

خاص بالمدنينية الأخبارية